Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 24/05/2011
| موضوع: افتراضي تفسير سور القرآن الكريم مبسط و أسباب النزول الثلاثاء مايو 24, 2011 9:57 am | |
| افتراضي تفسير سور القرآن الكريم مبسط و أسباب النزول
بسم اللله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و آله و الصحابة و التابعين إلى يوم الدين أما بعد جميعنا نتلو القرآن الكريم فى كل وقت و لكن قليل منا من يعرف أسباب النزول للسور القرآنية و قد بحثت فى جميع المنتديات حتى و جدت أحدهم يذكر أسباب النزول و حيث أن القرآن نزل منجماً أى متفرقاً فكل مجموعة آيات لها سبب للنزول أو أن تكون نزول السورة لها أسبابها و الآن لنبدأ مع أسباب النزول لسورة البقرة سورة البقرة
مدنية بلا خلاف
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف قال: حدثنا يعقوب بن سفيان الصغير قال: حدثنا يعقوب بن سفيان الكبير قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا شعيب بن زريق عن عطاء الخراساني، عن عكرمة قال: أول سورة أنـزلت بالمدينة سورة البقرة
قوله عز وجل: ( الم ذَلِكَ الْكِتَاب ) 1 ، 2.
أخبرنا أبو عثمان الثقفي الزعفراني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنـا جعفر بن محمد بن الليث قال: أخبرنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيـح، عن مجاهد قال: أربع آيات من أول هذه السورة نـزلت في المؤمنين، وآيتان بعدها نـزلتا في الكافرين، وثلاث عشرة بعدها نـزلت في المنافقين.
وقوله: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَروا ) 6.
قال الضحاك: نـزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته، وقال الكلبي: يعني اليهود.
قوله تعالى: ( وَإِذَا لَقوا الَّذِينَ آمَنوا ) 14.
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم أخبرنا شيبة بن محمد حدثنا علي بن محمد بن قرة حدثنا أحمد بن محمد بن نصر حدثنا يوسف بن بلال حدثنا محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: نـزلت هذه الآية في عبد الله بن أُبيّ وأصحابه، وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الله بن أُبيّ: انظروا كيف أردُّ هؤلاء السفهاء عنكم؟ فذهب فأخذ بيد أبي بكر، فقال: مرحبًا بالصديق سيد بني تيم، وشيخ الإسلام وثاني رسول الله في الغار الباذل نفسه وماله؛ ثم أخذ بيد عمر فقال: مرحبا بسيد بني عدي بن كعب، الفاروق القوي في دين الله، الباذل نفسه وماله لرسول الله؛ ثم أخذ بيد عليّ فقال: مرحبًا بابن عم رسول الله وختنه، سيد بني هاشم ما خلا رسول الله، ثم افترقوا؛ فقال عبد الله لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت؟ فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت، فأثنوا عليه خيرًا، فرجع المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه بذلك، فأنـزل الله هذه الآية.
قوله تعالى: ( يَا أَيّهَا النَّاس اعْبدوا رَبَّكم ) 21
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد قال: أخبرنا أبو علي بن أحمد الفقيه قال: أخبرنا أبو تراب الهستاني قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال: حدثنا روح قال: حدثنا شعبة عن سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: كل شيء نـزل فيه: ( يَا أَيّهَا النَّاس ) فهو مكي و ( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا ) فهو مدني يعني أن يا أيها الناس خطاب أهل مكة و ( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا ) خطاب أهل المدينة قوله: ( يَا أَيّهَا النَّاس اعْبدوا رَبَّكم ) خطاب لمشركي مكة إلى قوله: ( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنوا ) وهذه الآية نازلة في المؤمنين وذلك أن الله تعالى لما ذكر جزاء الكافرين بقوله: ( النَّارَ الَّتِي وَقودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة أعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ) ذكر جزاء المؤمنين.
قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا ) 26
قال ابن عباس في رواية أبي صالح: لما ضرب الله سبحانه هذين المثلين للمنافقين يعني قوله: ( مَثَلهمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا ) وقوله: ( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ ) قالوا: الله أجل وأعلى من أن يضرب الأمثال. فأنـزل الله هذه الآية.
وقال الحسن وقتادة: لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتاب وضرب للمشركين به المثل ضحكت اليهود وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله. فأنـزل الله هذه الآية.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ في كتابه قال: أخبرنا سليمان بن أيوب الطبراني قال: حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا عبد العزيز بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا ) قال: وذلك أن الله ذكر آلهة المشركين، فقال: ( وَإِنْ يَسْلبْهم الذّبَاب شَيْئًا ) وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت، فقالوا: أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنـزل من القرآن على محمد، أي شيء يصنع بهذا؟ فأنـزل الله هذه الآية .
قوله تعالى: ( أَتَأْمرونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ ) 44
قال ابن عباس في رواية الكلبي عن أبي صالح بالإسناد الذي ذكر: نـزلت في يهود أهل المدينة، كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينهم وبينه رضاع من المسلمين: أثبت على الدين الذي أنت عليه وما يأمرك به وهذا الرجل يعنون محمدًا صلى الله عليه وسلم فإن أمره حق، فكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه. .
قوله تعالى: ( وَاسْتَعِينوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ) 45
عند أكثر أهل العلم أن هذه الآية خطاب لأهل الكتاب وهو مع ذلك أدب لجميع العباد. وقال بعضهم: رجع بهذا الخطاب إلى خطاب المسلمين والقول الأول أظهر.
قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنوا وَالَّذِينَ هَادوا ) الآية 62
أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال: حدثنا يحيى بن أبي زائدة قال: قال ابن جريج عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: لما قصّ سلمان على النبي صلى الله عليه وسلم قصة أصحاب الدير قال: "هم في النار" قال سلمان: فأظلمت عليّ الأرض فنـزلت: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنوا وَالَّذِينَ هَادوا ) إلى قوله: ( يَحْزَنونَ ) قال: .فكأنما كشف عني جبل
أخبرنا محمد بن عبد العزيز المروزي قال: أخبرنا محمد بن الحسين الحدادي قال: أخبرنا أبو يزيد أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا عمرو عن أسباط عن السدي ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنوا وَالَّذِينَ هَادوا ) الآية. قال: نـزلت في أصحاب سلمان الفارسي لما قدم سلمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يخبر عن عبادتهم واجتهادهم وقال: يا رسول الله كانوا يصلون ويصومون ويؤمنون بك ويشهدون أنك تبعث نبيا. فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا سلمان هم من أهل النار فأنـزل الله ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنوا وَالَّذِينَ هَادوا ) وتلا إلى قوله: ( وَلاهمْ يَحْزَنونَ )
أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكرياء قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: حدثنا عمرو بن حماد قال: حدثنا أسباط عن السُّدّي عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنوا وَالَّذِينَ هَادوا ) الآية، نـزلت هذه الآية في سلمان الفارسي، وكان من أهل جندي سابور من أشرافهم وما بعد هذه الآية نازلة في اليهود.
قوله تعالى: ( أَفَتَطْمَعونَ أَنْ يؤْمِنوا لَكمْ ) الآية 75
قال ابن عباس ومقاتل: نـزلت في السبعين الذين اختارهم موسى ليذهبوا معه إلى الله تعالى، فلما ذهبوا معه إلى الميقات وسمعوا كلام الله تعالى وهو يأمره وينهاه، رجعوا إلى قومهم، فأما الصادقون فأدّوا ما سمعوا، وقالت طائفة منهم: سمعنا الله في آخر كلامه يقول: إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا، وإن شئتم فلا تفعلوا ولا بأس . وعند أكثر المفسرين: نـزلت الآية في الذين غيروا آية الرجم وصفة محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتبونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ) الآية 79.
نـزلت في الذين غيروا صفة النبيّ صلى الله عليه وسلم وبدّلوا نعته، قال الكلبي بالإسناد الذي ذكرنا: إنهم غيروا صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابهم وجعلوه آدم سبطًا طويلا وكان ربعة أسمر، وقالوا لأصحابهم وأتباعهم: انظروا إلى صفة النبيّ، الذي يُبعث في آخر الزمان، ليس يشبه نعت هذا، وكانت للأحبار والعلماء مأكلة من سائر اليهود، فخافوا أن يذهبوا مأكلتهم إن بيَّنوا الصفة، فمن ثَمَّ غيروا.
قوله تعالى: ( وَقَالوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّار إِلا أَيَّامًا مَعْدودَةً ) 80.
أخبرنا إسماعيل ابن أبي القاسم الصوفي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد العطار قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: حدثني أبو القاسم عبد الله بن سعد الزهري قال: حدثني أبي وعمّي قالا حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ويهود تقول: إنما هذه الدنيا سبعة آلاف سنة، إنما يعذب الناس في النار لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوم واحد في النار من أيام الآخرة، وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب، فأنـزل الله تعالى في ذلك من قولهم: ( وَقَالوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّار إِلا أَيَّامًا مَعْدودَةً )
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد التميمي أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان حدثنا محمد بن عبد الرحمن الرازي حدثنا سهل بن عثمان حدثنا مروان بن معاوية حدثنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: وجد أهل الكتاب ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين عامًا قالوا: لن نعذّب في النار إلا ما وجدنا في التوراة، فإذا كان يوم القيامة اقتحموا في النار، فساروا في العذاب حتى انتهوا إلى سَقَر وفيها شجرة الزقوم، إلى آخر يوم من الأيام المعدودة، فقال لهم خزنة النار: يا أعداء الله زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلا أيامًا معدودة، فقد انقضى العدد وبقي الأبد. .
قوله تعالى: ( وَكَانوا مِنْ قَبْل يَسْتَفْتِحونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَروا ) 89
قال ابن عباس كانت يهود خيبر تقاتل غطفان، فكلما التقوا هزمت يهود خيبر، فعاذت اليهود بهذا الدعاء وقالت: اللهم إنا نسألك بحقّ النبيّ الأميّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم، قال: فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء، فهزموا غطفان، فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به، فأنـزل الله تعالى: ( وَكَانوا مِنْ قَبْل يَسْتَفْتِحونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَروا ) أي بك يا محمد، إلى قوله: ( فَلَعْنَة اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) وقال السدي: كانت العرب تمرّ بيهود فيلقون منهم أذى، وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة، ويسألون الله أن يبعثه فيقاتلون معه العرب، فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم كفروا به حسدًا، وقالوا: إنما كانت الرسل من بني إسرائيل، فما بال هذا من بني إسماعيل
قوله تعالى: ( قلْ مَنْ كَانَ عَدوًّا لِجِبْرِيلَ ) الآية 97
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الشيباني قال: أخبرنا المؤمل بن الحسن بن عيسى قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن الوليد، عن بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أقبلت اليهود إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم نسألك عن أشياء فإن أجبتنا فيها اتبعناك، أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة؟ فإنه ليس من نبيّ إلا يأتيه ملك من عند ربه عز وجل بالرسالة بالوحيّ فمن صاحبك؟ قال: "جبريل" قالوا: ذاك الذي ينـزل بالحرب وبالقتال، ذاك عدوّنا لو قلت ميكائيل الذي ينـزل بالمطر والرحمة اتبعناك، فأنـزل الله تعالى: ( قلْ مَنْ كَانَ عَدوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّه نـزلَه عَلَى قَلْبِكَ ) إلى قوله: ( فَإِنَّ اللَّهَ عَدوٌّ لِلْكَافِرِينَ)
قوله تعالى: ( مَنْ كَانَ عَدوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ ) الآية 98
أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا عليّ بن مسهر عن داود عن الشعبيّ قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كنت آتي اليهود عند دراستهم التوراة فأعجب من موافقة القرآن التوراة، وموافقة التوراة القرآن، فقالوا: يا عمر ما أحد أحبّ إلينا منك، قلت: ولم؟ قالوا: لأنك تأتينا وتغشانا، قلت: إنما أجيء لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضًا وموافقة التوراة القرآن، وموافقة القرآن التوراة، فبينما أنا عندهم ذات يوم إذ مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف ظهري، فقالوا: إن هذا صاحبك فقم إليه، فالتفت إليه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل خوخة في المدينة، فأقبلت عليهم فقلت: أنشدكم بالله وما أنـزل عليكم من كتاب أتعلمون أنه رسول الله؟ فقال سيدهم: قد نشدكم الله فأخبروه. فقالوا: أنت سيدنا فأخبره، فقال سيدهم: إنا نعلم أنه رسول الله قال: فقلت: فأنت أهلكهم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم تتبعوه، قالوا: إن لنا عدوًا من الملائكة وسلما من الملائكة، فقلت: من عدوكم، ومن سلمكم؟ قالوا: عدونا جبريل وهو ملك الفظاظة والغلظة والآصار والتشديد؛ قلت: ومن سلمكم؟ قالوا: ميكائيل وهو ملك الرأفة واللين والتيسير قلت: فإني أشهد ما يحل لجبريل أن يعادي سلم ميكائيل، وما يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل، وإنهما جميعًا ومن معهما أعداء لمن عادوا وسلم لمن سالموا.
ثم قمت فدخلت الخوخة التي دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلني فقال: "يا ابن الخطاب ألا أقرؤك آيات نـزلت علي قيل؟ قلت: بلى فقرأ: " ( قلْ مَنْ كَانَ عَدوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّه ) الآية حتى بلغ ( وَمَا يَكْفر بِهَا إِلا الْفَاسِقونَ ) " قلت: والذي بعثك بالحق ما جئت إلا أخبرك بقول اليهود، فإذا اللطيف الخبير قد سبقني بالخبر. قال عمر: فلقد رأيتني أشدّ في دين الله من حجر. وقال ابن عباس: إن حبرًا من أحبار اليهود من فدك يقال له: عبد الله بن صوريا حاج النبيَّ صلى الله عليه وسلم فسأله عن أشياء فلما اتجهت الحجة عليه قال: أيَّ ملك يأتي من السماء؟ قال: جبريل: ولم يبعث الله نبيا إلا وهو ولِيُّه قال: ذاك عدُوّنا من الملائكة، ولو كان ميكائيل مكانه لآمنا بك، إن جبريل نـزل بالعذاب والقتال والشدة، فإنه عادانا مرارًا كثيرة، وكان أشدّ ذلك علينا أن الله أنـزل على نبينا أن بيت المقدس سيخرب على يدي رجل يقال له بختنصر، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه، فلما كان وقته بعثنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل في طلب بختنصر ليقتله، فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلامًا مسكينًا ليست له قوّة، فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبريل، وقال لصاحبنا: إن كان ربكم الذي أذن في هلاككم فلا تسلط عليه، وإن لم يكن هذا فعلى أيّ شيء تقتله؟ فصدقه صاحبنا ورجع إلينا، وكبر بختنصر وقوي وغزانا وخرب بيت المقدس، فلهذا نتخذه عدوّا فأنـزل الله هذه الآية. وقال مقاتل: قالت اليهود: إن جبريل عدونا أمر أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا، فأنـزل الله هذه الآية .
قوله تعالى: ( وَلَقَدْ أَنـزلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) 99.
قال ابن عباس: هذا جواب لابن صوريا حيث قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه، ما أُنـزل عليك من آية بيّنة فنتبعك، بها فأنـزل الله هذه الآية.
قوله تعالى: ( وَاتَّبَعوا مَا تَتْلو الشَّيَاطِين عَلَى ملْكِ سلَيْمَانَ ) الآية 102.
أخبرني محمد بن عبد العزيز القنطري قال: أخبرنا أبو الفضل الحدادي قال: أخبرنا أبو يزيد الخالدي قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا جرير قال: أخبرنا حصين بن عبد الرحمن عن عمران بن الحارث قال: بينما نحن عند ابن عباس إذ قال: إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء، فيجيء أحدهم بكلمة حق فإذا جرَّب من أحدهم الصدق كذب معها سبعين كذبة فبشر بها قلوب الناس، فاطلع على ذلك سليمان، فأخذها فدفنها تحت الكرسي؛ فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال: ألا أدلكم على كنـز سليمان المنيع الذي لا كنـز له مثله؟ قالوا: نعم قال: تحت الكرسي فأخرجوه، فقالوا: هذا سحر. فتناسخته الأمم فأنـزل الله عذر سليمان ( وَاتَّبَعوا مَا تَتْلو الشَّيَاطِين عَلَى ملْكِ سلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ).
وقال الكلبي: إن الشياطين كتبوا السحـر والنارنجيات على لسان آصف: هذا ما علم آصف بن برخيا الملك ثم دفنوها تحت مصلاه حين نـزع الله ملكه، ولم يشعر بذلك سليمان؛ ولما مات سليمان استخرجوه من تحت مصلاه، وقالوا للناس: إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه، فأما علماء بني إسرائيل فقالوا: معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان، وأما السفلة فقالوا: هذا علم سليمان، وأقبلوا على تعلمه، ورفضوا كتب أنبيائها ففشت الملامة لسليمان، فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم وأنـزل الله، عذر سليمان على لسانه وأظهر براءته مما رمي به فقال: ( وَاتَّبَعوا مَا تَتْلو الشَّيَاطِين ) الآية.
أخبرنا سعيد بن العباس القرشي كتابة أن الفضل بن زكرياء حدثهم عن أحمد بن نجدة أخبرنا سعيد بن منصور، حـدثنا عتّاب بن بشير عن خصيف قال: كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال: لأي داء أنت؟ فتقول لكذا وكذا؛ فلما نبتت شجرة الخرنوبة قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لمسجدك أخربه قال: تخربينه؟ قالت: نعم، قال: بئس الشجرة أنت، فلم يلبث أن توفي، فجعل الناس يقولون في مرضاهم: لو كان لنا مثل سليمان، فأخذت الشياطين فكتبوا كتابًا وجعلوه في مصلى سليمان وقالوا: نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب فإذا فيه سحر رُقَى فأنـزل الله تعالى وَاتَّبَعوا مَا تَتْلو الشَّيَاطِين عَلَى ملْكِ سلَيْمَانَ ) إلى قوله: ( فَلا تَكْفرْ )
قال السدي: إن الناس في زمن سليمان اكتتبوا السحر فاشتغلوا بتعلمه فأخـذ سليمان تلك الكتب وجعلها في صندوق فدفنها تحت كرسيه ونهاهم عن ذلك ولما مات سليمان وذهب الذين كانوا يعرفون دفنه الكتب، فتمثل شيطان على صورة إنسان فأتى نفرًا من بني إسرائيل وقال: هل أدلكم على كنـز لا تأكلونه أبدًا؟ قالوا: نعم، قال: فاحفروا تحت الكرسي فحفروا فوجدوا تلك الكتب فلما أخرجوها قال الشيطان: إن سليمان ضبط الجنَّ والإنس والشياطين والطيور بهذا، فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب، فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود، فبرأ الله عز وجل سليمان من ذلك وأنـزل هذه الآية .
قوله تعالى: ( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا لا تَقولوا رَاعِنَا ) الآية 104.
قال ابن عباس في رواية عطاء: وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها، فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبي صلى الله عليه وسلم أعجبهم ذلك وكان ( رَاعِنَا ) في كلام اليهود سبًّا قبيحًا فقالوا: إنا كنا نسبّ محمدًا سرًّا فالآن أعلنوا السبّ لمحمد لأنه من كلامهم، فكانوا يأتون نبي الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: يا محمد ( رَاعِنَا ). ويضحكون ففطن بها رجل من الأنصار وهو سعد بن عبادة وكان عارفا بلغة اليهود وقال: يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفس محمد بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربن عنقه فقالوا: ألستم تقولونها له؟ فأنـزل الله تعالى: ( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا لا تَقولوا رَاعِنَا ) الآية.
قوله تعالى: ( مَا يَوَدّ الَّذِينَ كَفَروا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) الآية 105.
قال المفسرون: إن المسلمين كانوا إذا قالوا لحلفائهم من اليهود: آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم قالوا: هذا الذي تدعوننا إليه ليس بخير مما نحن عليه ولوددنا لو كان خيرا فأنـزل الله تعالى تكذيبًا لهم هذه الآية.
قوله تعالى: ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ ننْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا ) 106.
قال المفسرون: إن المشركين قالوا: أتَرَون إلى محمد يأمر أصحابه، بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ويقول اليوم قولا ويرجع عنه عنه غدا ما هذا القرآن إلا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه وهو كلام يناقض بعضه بعضًا فأنـزل الله: ( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ ) [ النحل: 101]. الآية: وأنـزل أيضا: ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ ننْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا ) الآية.
قوله تعالى: ( أَمْ ترِيدونَ أَنْ تَسْأَلوا رَسولَكمْ ) الآية 108.
قال ابن عباس نـزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي أمية ورهط من قريش، قالوا: يا محمد اجعل لنا الصفا ذهبًا، ووسع لنا أرض مكة، وفجر الأنهار خلالها تفجيرًا نؤمن بك، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
وقال المفسّرون: إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنعوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن قائل يقول: يأتينا بكتاب من السماء جُمْلَةً كما أتى موسى بالتوراة، ومن قائل يقول - وهو عبد الله بن أبي أُمَية المخزومي - ائتني بكتاب من السماء فيه: من ربّ العالمين، إلى ابن أبي أُمية، اعلم أني قد أرسلت محمدًا إلى الناس؛ ومن قائل يقول: لن نؤمن لك أو تأتي بالله والملائكة قبيلا فأنـزل الله تعالى هذه الآية .
قوله تعالى: ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) الآية 109.
قال ابن عباس: نـزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة بدر ألم تروا إلى ما أصابكم ولو كنتم على الحقّ ما هُزمتم، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم.
أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا شُعيب عن الزهريّ قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه أن كعب بن الأشرف اليهودي، كان شاعرًا وكان يهجو النبيّ صلى الله عليه وسلم، ويحرّض عليه كفار قريش في شعره، وكان المشركون واليهود من أهل المدينة حين قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم يُؤْذُون النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه أشدّ الأذى، فأمر الله تعالى نبيه بالصبر على ذلك والعفو عنهم وفيهم أنـزلت: ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) إلى قوله: ( فَاعْفوا وَاصْفَحوا ).
قوله تعالى: ( وَقَالَتِ الْيَهود لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ ) 113.
نـزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران وذلك أن وفد نجران لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم أحبار اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم، فقالت اليهود: ما أنتم على شيء من الدين وكفروا بعيسى والإنجيل وقالت لهم النصارى: ما أنتم على شيء من الدين، فكفروا بموسى والتوراة، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى: ( وَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ ) الآية 114.
نـزلت في ططوس الرومي وأصحابه من النصارى، وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل، فقتلوا مقاتلتهم، وسبوا ذراريهم، وحرقوا التوراة، وخربوا بيت المقدس، وقذفوا فيه الجيف. وهذا قول ابن عباس في رواية الكلبي.
وقال قتادة والسُّدّي: هو بُخْتَنَصّر وأصحابه غزوا اليهود وخربوا بيت المقدس، وأعانتهم على ذلك النصارى من أهل الروم.
وقال ابن عباس في رواية عطاء. نـزلت في مشركي أهل مكة ومنعهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام.
قوله تعالى: ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ) 115.
اختلفوا في سبب نـزولها. فأخبرنا أبو منصور المنصوري قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا أبو محمد إسماعيل بن عليّ قال: حدثنا الحسن بن عليّ بن شبيب العمري قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري قال: وجدت في كتاب أبي، حدثنا عبد الملك العرزمي قال: حدثنا عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة هي هاهنا قِبَل الشمال، فصلوا وخطوا خطوطًا وقال بعضنا: القبلة هاهنا قِبَل الجنوب فصلوا وخطوا خطوطًا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فسكت فأنـزل الله تعالى:
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب فَأَيْنَمَا توَلّوا فَثَمَّ وَجْه اللَّهِ ).
أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا يحيى بن صاعد قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال: حدثنا وكيع. قال: حدثنا أشعث السمان، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، في السفر في ليلة مظلمة، فلم ندر كيف القبلة، فصلى كل رجل منا على حاله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنـزلت: ( فَأَيْنَمَا توَلّوا فَثَمَّ وَجْه اللَّهِ ) ومذهب ابن عمر أن الآية نازلة في التطوع بالنافلة. أخبرنا أبو القاسم بن عبدان قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا أبو البختري بن عبد الله بن محمد بن شاكر قال: حدثنا أبو أسامة عن عبد الملك بن سليمان عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: أنـزلت ( فَأَيْنَمَا توَلّوا فَثَمَّ وَجْه اللَّهِ ) أن تصلي حيث توجهت بك راحلتك في التطوّع.
وقال ابن عباس في رواية عطاء: إن النجاشي لما توفي قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن النجاشي توفي، فصلّ عليه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحضروا وصفَّهم ثم تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم: "إن الله أمرني أن أصلي على النجاشي وقد توفي فصلوا عليه" فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم عليه، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنفسهم: كيف نصلي على رجل مات، وهو يصلي على غير قبلتنا؟ وكان النجاشي يصلي إلى بيت المقدس حتى مات وقد صرفت القبلة إلى الكعبة، فأنـزل الله تعالى: ( فَأَيْنَمَا توَلّوا فَثَمَّ وَجْه اللَّهِ ) ومذهب قتادة أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ( وَحَيْثمَا كنْتمْ فَوَلّوا وجوهَكمْ شَطْرَه ) فهذا قول ابن عباس عند عطاء الخراساني وقال: أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة قال الله تعالى: ( فَأَيْنَمَا توَلّوا فَثَمَّ وَجْه اللَّهِ ) قال: فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس وتـرك البيت العتيق، ثم صرفه الله تعالى إلى البيت العتيق.
وقال في رواية علي بن أبي طلحة لوالبي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة. وكان أكثر أهلها اليهود، أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود. فاستقبلها بضعة عشر شهرًا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبّ قبلة إبراهيم، فلما صرفه الله تعالى إليها ارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها، فأنـزل الله تعالى: ( فَأَيْنَمَا توَلّوا فَثَمَّ وَجْه اللَّهِ ).
قوله تعالى: ( وَقَالوا اتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا ) 116.
نـزلت في اليهود حيث قالوا: عُزَير ابن الله، وفي نصارى نجران حيث قالوا: المسيح ابن الله، وفي مشركي العرب حيث قالوا: الملائكة بنات الله.
قوله تعالى: ( وَلا تسْأَل عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ) 119.
قال ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: "ليت شعري ما فعل أبواي؟" فنـزلت هذه الآية. وهذا على قراءة من قرأ: ( وَلا تسْأَل عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ) جزما وقال مقاتل: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لو أنـزل الله بأسه باليهود لآمنوا" فأنـزل الله تعالى: ( وَلا تسْأَل عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ).
قوله تعالى: ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهود وَلا النَّصَارَى ) الآية 120.
قال المفسرون: إنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم الهدنة ويطمعون أنهم إذا هادنهم وأمهلهم اتبعوه ووافقوه فأنـزل الله تعالى هذه الآية. وقال ابن عباس: هذا في القبلة وذلك أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلي النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة شق ذلك عليهم، فيئسوا منه أن يوافقهم على دينهم، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى: ( الَّذِينَ آتَيْنَاهم الْكِتَابَ يَتْلونَه حَقَّ تِلاوَتِهِ ) 121.
قال ابن عباس في رواية عطاء والكلبي: نـزلت في أصحاب السفينة الذين أقبلوا مـع جعفر ابن أبي طالب من أرض الحبشة كانوا أربعين رجلا من الحبشة وأهل الشام. وقال الضحاك: نـزلت فيمن آمن من اليهود. وقال قتادة وعكرمة: نـزلت في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: ( أَمْ كنْتمْ شهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقوبَ الْمَوْتُ ) الآية 133.
نـزلت في اليهود حين قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية.
قوله تعالى: ( وَقَالوا كونوا هودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدوا ) 135.
قال ابن عباس: نـزلت في رؤوس يهود المدينة: كعب بن الأشرف، ومالك بن الصيف، ووهب بن يهوذا، وأبي ياسر ابن أخطب؛ وفي نصارى أهل نجران؛ وذلك أنهم خاصموا المسلمين في الدين، كل فرقة تزعم أنها أحق بدين الله تعالى من غيرها، فقالت اليهود: نبينا موسى أفضل الأنبياء، وكتابنا التوراة أفضل الكتب، وديننا أفضل الأديان، وكفرت بعيسى والإنجيل ومحمد والقرآن وقالت النصارى: نبينا عيسى أفضل الأنبياء وكتابنا الإنجيل أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفرت بمحمد والقرآن. وقال كل واحد من الفريقين للمؤمنين: كونوا على ديننا فلا دين إلا ذلك ودعوهم إلى دينهم.
قوله تعالى: ( صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَن مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ) 138.
قال ابن عباس: إن النصارى كان إذا ولد لأحدهم ولد فأتى عليه سبعة أيام، صبغوه في ماء لهم يقال له: المعمودي ليظهروه بذلك، ويقولون: هذا طهور مكان الختان، فإذا فعلوا ذلك قالوا: الآن صار نصرانيًا حقًا، فأنـزل الله تعالى هذه الآية. نـزلت في تحويل القبلة.
قوله تعالى: ( سَيَقول السّفَهَاء مِنَ النَّاسِ ) الآية 142.
أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا زاهر بن أحمد قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن مصعب قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا عبد الله بن رجاء قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يتوجه نحو الكعبة، فأنـزل الله تعالى: ( قَدْ نَرَى تَقَلّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ) إلى آخر الآية، فقال السفهاء من الناس -وهم اليهود- ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ قال الله تعالى: ( قلْ لِلَّهِ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ) إلى آخر الآية، رواه البخاري عن عبد الله بن رجاء.
قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّه لِيضِيعَ إِيمَانَكمْ ) 143.
قال ابن عباس في رواية الكلبي: كان رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ماتوا على القبلة الأولى، منهم أسعد بن زرارة وأبو أمامة أحد بني النجار، والبراء بن معرور أحد بني سلمة، وأناس آخرون، جاءت عشائرهم فقالوا: يا رسول الله توفي إخواننا وهم يصلون إلى القبلة الأولى، وقد صرفك الله تعالى إلى قبلة إبراهيم، فكيف بإخواننا؟
فأنـزل الله: ( وَمَا كَانَ اللَّه لِيضِيعَ إِيمَانَكمْ ) الآية. ثم قال: ( قَدْ نَرَى تَقَلّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ) وذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام: "وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها" وكان يريد الكعبة، لأنها قبلة إبراهيم، فقال له جبريل: "إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئًا فسل ربك أن يحوّلك عنها إلى قبلة إبرإهيم" ثم ارتفع جبريل وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بما سأله فأنـزل الله تعالى هذه الآية. أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا عبد الوهاب بن عيسى قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا أبو إسحاق عن البراء قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرًا نحو بيت المقدس، ثم علم الله عز وجل هوى نبيه صلى الله عليه وسلم فنـزلت: ( قَدْ نَرَى تَقَلّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ) الآية، رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي الأحوص؛ ورواه البخـاري، عن أبي نعيم، عن زهير كـلاهما عن أبي إسحاق.
قوله تعالى: ( الَّذِينَ آتَيْنَاهم الْكِتَابَ يَعْرِفونَه كَمَا يَعْرِفونَ أَبْنَاءَهمْ ) الآية 146.
نـزلت في مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابـه كانوا يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعته وصفته وبعثه في كتابهم كما يعرف أحدهم ولده إذا رآه مع الغلمان؛ قال عبد الله بن سلام: لأنا أشدّ معرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم مني بابني، فقال له عمر بن الخطاب: وكيف ذاك يا ابن سلام؟ قال: لأني أشهد أن محمدًا رسول الله حقًّا يقينًا، وأنا لا أشهد بذلك على ابني، لأني لا أدري ما أحدث النساء، فقال عمر: وفقك الله يا ابن سلام.
قوله تعالى: ( وَلا تَقولوا لِمَنْ يقْتَل فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ) الآية 154.
نـزلت في قتلى بدر من المسلمين، وكانوا بضعة عشر رجلا ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين، وذلك أن الناس كانوا يقولون للرجل يقتل في سبيل الله مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذاتها، فأنـزل الله هذه الآية.
قوله تعالى: ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) الآية 158
أخبرنا سعيد ابن محمد بن أحمد الزاهد قال: أخبرنا أبو عليّ بن أبي بكر الفقيه قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال. حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري. قال: حدثني مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: أنـزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يهلون لمناة، وكانت مناة حذو قُدَيْد، وكانوا يتحرّجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنـزل الله تعالى هذه الآية، رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
أخبرنا أبو بكر التميمي قال: أخبرنا أبو الشيـخ الحافظ قـال: حدثنا أبو يحيى الرازي قـال: حدثنا سهل العسكري قال: حدثنا يحيى وعبد الرحمن، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: أنـزلت هذه الآية في ناس من الأنصار، كانوا إذا أهلوا أهلوا لمناة في الجاهلية ولم يحلّ لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما قَدِموا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحجّ ذكروا ذلك له، فأنـزل الله تعالى هذه الآية. رواه مسلم، عن أبي بكر بن شيبة، عن أبي أسامة، عن هشام عن أبيه عن عائشة.
وقال أنس بن مالك: كنا نكره الطواف بين الصفا والمروة لأنهما كانا من مشاعر قريش في الجاهلية فتركناه في الإسلام فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
وقال عمرو بن حبشي: سألت ابن عمر عن هذه الآية فقال: انطلق إلى ابن عباس فسله فإنه أعلم من بقي بما أنـزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم، فأتيته فسألته، فقال: كان على الصفا صنم على صورة رجل يقال له: إساف، وعلى المروة صنم على صورة امرأة تدعى نائلة، زعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخهما الله تعالى حجرين، ووضعهما على الصفا والمروة ليعتبر بهما، فلما طالت المدة عبدا من دون الله تعالى، فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بينهما مسحوا على الوثنين، فلما جاء الإسلام وكسرت الأصنام كره المسلمون الطواف لأجل الصنمين، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
وقال السدي: كان في الجاهلية تعزف الشياطين بالليل بين الصفا والمروة وكانت بينهما آلهة، فلما ظهر الإسلام قال المسلمون: يا رسول الله لا نطوف بين الصفا والمروة فإنه شرك كنا نصنعه في الجاهلية؛ فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
أخبرنا منصور بن عبد الوهاب البزار قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن سنان قال: أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب قال: أخبرنا محمد بن بكار قال: حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن عاصم، عن أنس بن مالك قال: كانوا يمسكون عن الطواف بين الصفا والمروة، وكانا من شعائر الجاهلية، وكنا نتقي الطواف بهما فأنـزل الله تعالى: ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) الآية. رواه البخاري عن أحمد بن محمد عن عاصم.
**************
تم نقل أسباب نزول القرآن من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة, فما كان من النقل من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمن النفس والشيطان، والله ورسوله منه بريئان
قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتمونَ مَا أَنـزلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهدَى ) 159.
نـزلت في علماء أهل الكتاب وكتمانهم آية الرجم وأمر محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) الآية 164.
أخبرنا عبد العزيز بن طاهر التميمي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا أبو عبد الله الزيادي قال: حدثنا موسى بن مسعود النهدي قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال: أنـزلت بالمدينة على النبيّ صلى الله عليه وسلم: ( وَإِلَهكمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم ) فقالت كفار قريش بمكة: كيف يسع الناس إله واحد؟ فأنـزل الله تعالى: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ حتى بلغ ( لِقَوْمٍ يَعْقِلونَ )).
أخبرنا أبو بكر الأصبهاني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكـري قال: حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن أبي الضحى قال: لما نـزلت هذه الآية: ( وَإِلَهكمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) تعجب المشركون وقالوا: إله واحد؟ إن كان صادقًا فليأتنا بآية. فأنـزل الله تعالى: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) إلى آخر الآية.
قوله تعالى: ( يَا أَيّهَا النَّاس كلوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا ) 168.
قال الكلبي عن أبي صالح: نـزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام وحرموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي.
قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتمونَ مَا أَنـزلَ اللَّه مِنَ الْكِتَابِ ) 174.
قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: نـزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم، كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والفضول، وكانوا يرجون أن يكون النبيّ المبعوث منهم، فلما بعث من غيرهم خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم، فعمدوا إلى صفة محمد صلى الله عليه وسلم فغيروها ثم أخرجوها إليهم، وقالوا: هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان، لا يشبه نعت هذا النبيّ الذي بمكة فإذا نظرت السفلة إلى النعت المتغير وجدوه مخالفًا لصفة محمد صلى الله عليه وسلم فلا يتبعونه.
قوله تعالى: ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ توَلّوا وجوهَكمْ ) الآية 177.
قال قتادة: ذكر لنا أن رجلا سأل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم عن البِرّ، فأنـزل الله تعالى هذه الآية. قال: وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، ثم مات على ذلك، وجبت له الجنة، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى: ( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا كتِبَ عَلَيْكم الْقِصَاص فِي الْقَتْلَى ) الآية 178.
قال الشعبي: كان بين حيين من أحياء العرب قتال، وكان لأحد الحيين طول على الآخر، فقالوا: نقتل بالعبد منا الحرّ منكم، وبالمرأة الرجـل، فنـزلت هذه الآية.
قوله تعالى: ( أحِلَّ لَكمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَث إِلَى نِسَائِكمْ ) 187
قال ابن عباس في رواية الوالبي: وذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرّم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة، ثم إن ناسًا من المسلمين أصابوا من الطعام والنساء في شهر رمضان بعد العشاء، منهم عمر بن الخطاب، فشكوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله هذه الآية.
أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال: حدثنا يحيى ابن أبي زائدة قال: حدثني أبي وغيره، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: كان المسلمون إذا أفطروا يأكلون ويشربون ويمسون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا لم يفعلوا شيئًا من ذلك إلى مثلها من القابلة، وأن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا، فأتى أهله عند الإفطار، فانطلقت امرأته تطلب شيئًا وغلبته عيناه فنام، فلما انتصف النهار من غد غشي عليه، قال: وأتى عمر امرأته وقد نامت، فذكر ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم فنـزلت: ( أحِلَّ لَكمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَث إِلَى نِسَائِكمْ ) إلى قوله: ( الْفَجْرِ ) ففرح المسلمون بذلك.
أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الشيباني قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: حدثنا الزعفراني قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يطعم، لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته، فقال: هل عندك طعام؟ قالت: لا ولكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل فغلبته عيناه، وجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبة لك فأصبح صائمًا فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم فنـزلت هذه الآية: ( أحِلَّ لَكمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَث إِلَى نِسَائِكمْ ) ففرحوا بها فرحًا شديدًا، رواه البخاري عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل.
أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن الفضل قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثنا إسحاق بن أبي فروة، عن الزهري أنه حدثه عن القاسم بن محمد قال: إن بدء الصوم كان يصوم الرجل من عشاء إلى عشاء، فإذا نام لم يصل إلى أهله بعد ذلك، ولم يأكل ولم يشرب، حتى جاء عمر إلى امرأته فقالت: إني قد نمت، فوقع بها وأمسى صرمة بن أنس صائمًا فنام قبل أن يفطر، وكانوا إذا ناموا لم يأكلوا ولم يشربوا، فأصبح صائمًا وكاد الصوم يقتله فأنـزل الله عز وجل الرخصة قال: ( فَتَابَ عَلَيْكمْ وَعَفَا عَنْكمْ ) الآية.
أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو عمرو الحيري قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا أبو غسان قال: حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد قال: نـزلت هذه الآية: ( وَكلوا وَاشْرَبوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكم الْخَيْط الأَبْيَض مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ) ولم ينـزل ( مِنَ الْفَجْرِ ) وكان رجال إذا أرادو الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، فأنـزل الله تعالى بعد ذلك: ( مِنَ الْفَجْرِ ) فعلموا أنه أنما يعني بذلك الليل والنهار، رواه البخاري عن ابن أبي مريم، ورواه مسلم عن محمد بن سهل عن أبي مريم.
قوله تعالى: (وَلا تَأْكلوا أَمْوَالَكمْ بَيْنَكمْ بِالْبَاطِلِ ) الآية 188.
قال مقاتل بن حيان: نـزلت هذه الآية في امرئ القيس بن عابس الكندي، وفي عبدان بن أشوع الحضرمي، وذلك أنهما اختصما إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم في أرض وكان امرؤ القيس المطلوب وعبدان الطالب، فأنـزل الله تعالى هذه الآية، فحكم عبدان في أرضه، ولم يخاصمه.
قوله تعالى: ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ ) الآية 189.
قال معاذ بن جبل: يا رسول الله إن اليهود تغشانا ويكثرون مسألتنا عن الأهلة فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
وقال قتادة: ذكـر لنا أنهم سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم: لم خلقت هذه الأهلة؟ فأنـزل الله تعالى: ( قلْ هِيَ مَوَاقِيت لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) وقال الكلبي: نـزلت في معاذ بن جبل وثعلبة بن عنمة وهما رجلان من الأنصار قالا يا رسول الله ما بال الهلال يبدو فيطلع دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير، ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يكون كما كان، لا يكون على حال واحدة؟! فنـزلت هذه الآية.
قوله تعالى: ( وَلَيْسَ الْبِرّ بِأَنْ تَأْتوا الْبيوتَ مِنْ ظهورِهَا ) 189.
أخبرنا محمد بن إبراهيم المزكي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا أبو خليفة قال: حدثنا أبو الوليد والحوضي قالا حدثنا شعبة قال: أنبأنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقول: كانت الأنصار إذا حجوا فجاءوا لا يدخلون من أبواب بيوتهم، ولكن من ظهورها، فجاء رجل فدخل من قبل باب، فكأنه عير بذلك، فنـزلت هذه الآية. رواه البخاري عن أبي الوليد، ورواه مسلم عن بُندار، عن غُنْدَر، عن شعبة.
أخبرنا أبو بكر التميمي قال: حدثنا أبو الشيخ قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عبيد قال: حدثنا عبيدة، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: كانت قريش تدعى الحمس، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بستان، إذ خرج من بابه وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري، فقالوا: يا رسول الله إن قطبة بن عامر رجل فاجر وإنه خرج معك من الباب فقال له: "ما حملك على ما صنعت؟" قال: رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت. فقال: "إني أحمسي" قال: فـإن ديني دينك، فأنـزل الله: ( وَلَيْسَ الْبِرّ بِأَنْ تَأْتوا الْبيوتَ مِنْ ظهورِهَا ) .
وقال المفسرون: | |
|